تعريف الجملة
سنسلط الأضواء تسليطا لا بأس به على الجملة، أولا: ما هي الجملة؟ لك أن تعرِّف الجملة بتعريفين، إن شئت تعريفا مختصرا موجزا، وإن شئت أن تعرِّفها تعريفا مبسطا موضحا، أنت بالخيار، فلك أن تقول: الجملة: "ما تكونت من مسند ومسند إليه"، فإذا قلت مثلا: أخوك أو جاء أخوك، فجاء مسند، وأخوك مسند إليه، إذن هذه جملة؛ لأنه وجد فيها مسند ومسند إليه.
لك أن تعرّفها بتعريف أوضح فتقول: الجملة: "ما تكونت من فعل وفاعل، أو من مبتدأ وخبر، أو ما يُنزَّل منزلتهما"؛ فإذا قلت: حضر أخوك هذه جملة؛ لأنها تكونت من فعل وهو حضر، وأخوك وهو الفاعل، أو من مبتدأ وخبر، لو قلت مثلا: أخوك حاضر، أو ما يُنزَّل منزلتهما، المراد بذلك الفعل المبني للمجهول مع نائب الفاعل، مثل لو قيل: كُتب الدرس، أو اسم الفاعل مع مرفوعه إذا كان مبتدأ، مثل أقائم أخوك؛ لأن أقائم أخوك هل هي فعل وفاعل ؟ ما هي فعل وفاعل، هل هي مبتدأ وخبر؟ ما هي مبتدأ وخبر، إذن ينطبق عليها قولنا: أو ما ينزل منزلته؛ لأن قائم مبتدأ، أقائمٌ قائم مبتدأ وزيد فاعل سد مسد الخبر.
هذا هو معنى الجملة، ومن خلال هذا العرض يتبين أن الجملة نوعان -كما ذكر المؤلف-: إما جملة اسمية وهي ما بُدئت باسم، أو جملة فعلية وهي ما بُدئت بفعل، هذا واضح.
مما تتكون الجملة
وفيها أربع مسائل، المسألة الأولى: أن اللفظ المفيد يسمى كلاما وجملة
اللفظ المفيد يسمى كلاما ويسمى جملة، إذا قلت: جاء محمد هذا لفظ، ومعنى لفظ يعني صوت، ومعنى صوت يعني أنه مكون من حروف، مفيد، حصل إفادة لما قلت لك: حضر أخوك أو جاء أخوك، إذن يسمى كلاما ويسمى جملة، لماذا يسمى كلاما؟ لأنه أفاد؛ لأن الشرط الأساسي في اللغة بالنسبة للكلام هو الإفادة، ويسمى جملة لأنه تكون من مسند ومسند إليه.
لكن ظاهر كلام ابن هشام أن الكلام والجملة بمعنى واحد؛ لأنه قال: يسمى كلاما ويسمى جملة، وهذا رأي لبعض النحويين، يقول الكلام والجملة بمعنى واحد، إما تسميها جملة أو تسميها كلاما، واحدٌ، هذا رأي لبعض النحويين، وهو الزمخشري ذكره في كتابه المفصل، لكن الصواب خلاف ذلك، وأن الجملة غير الكلام، الجملة غير الكلام.
فإذا قلت: جاء أخوك هذا كلام؟ نعم؛ لأنه أفاد، وجملة لأنه مركب من مسند ومسند إليه، طيب لو قلت: إن قام زيد قام عمرو، إيش رأيك في جملة "قام زيد" بنفس التركيب، إن قام زيد، جملة؟ جملة؛ لأنه مكون من مسند ومسند إليه، لكن هل هي كلام؟ ليست بكلام، لماذا؟ لأنها لم تفد، لو قلت لإنسان إن قام زيد وسكت، ما استفاد.
إذن دل على أن كل كلام جملة وليس كل جملة كلاما، خذوا هذه القاعدة كل كلام فهو جملة لازم، لكن هل كل جملة تكون كلاما؟ متى تكون الجملة كلاما، ومتى لا تكون كلاما؟ إذا أفادت الجملة فهي كلام، وإذا ما أفادت ما هي كلام؛ ولهذا ابن هشام إيش قال؟ هل عندكم في الكتاب قال: اللفظ المفيد يسمى كلاما ويسمى جملة اللفظ غير المفيد يسمى جملة ولا يسمى كلاما، هذا معنى كلامه.
ثم ذكر بعد هذا: أن الجملة تسمى اسمية إن بُدئت باسم، نحو: زيد قائم، وفعلية إن بُدئت بفعل، نحو: قام زيد والأمر واضح.
تقسيم الجملة إلى صغرى وكبرى
انتقل إلى تقسيم آخر للجملة وهو، أن الجملة قسمان: صغرى وكبرى، يقول الصغرى إن بنيت على غيرها
طيب نجيب المثال، لو قلنا: (الإسلام آدابه عالية)، الإعراب: الإسلام: مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة الرفع الضمة الظاهرة على آخره، آدابه: مبتدأ ثانٍ، عالية خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول، طيب، (الإسلام آدابه عالية) عندنا جملتان الآن في هذا التركيب:
الجملة الأولى يسميها النحويون الجملة الصغرى، وهي جملة آدابه عالية، ما قلنا إن آدابه مبتدأ ثان وعالية خبر المبتدأ الثاني؟ إذن عندي مبتدأ وخبر الآن هذه جملة صغرى، لماذا صغرى؟ لأنها وقعت خبرا عن مبتدأ الذي هو الإسلام؛ ولهذا كنت أتمنى أن ابن هشام قال في تعريف الجملة الصغرى -بدل ما قال هي التي بنيت على غيرها- كنت أتمنى أنه قال: هي المخبر بها عن مبتدأ.
وعلى هذا نأخذ قاعدة: إذا جاء خبر المبتدأ جملة فهي جملة صغرى، وخبر المبتدأ كما يجيء مفردا مثل نقول: زيد قائم، يجيء جملة أيضا، إذا جاء جملة فالجملة هذه تسمى جملة صغرى، مع المبتدأ اللي هي جاءت خبرا له تكون جملة كبرى؛ ولهذا لو كان عندنا وسيلة الإيضاح لوضعنا على جملة الإسلام آدابه عالية خط، دائرة، هذه الجملة الكبرى، ثم جئنا لآدابه عالية ووضعنا عليها دائرة داخلية، هذه جملة صغرى؛ ولهذا الجملة الصغرى تكون داخل جملة كبرى، إذن ما هي الجملة الصغرى؟ هي التي أخبر بها عن مبتدأ، واضح ؟
ما هي الجملة الكبرى؟ هي المبتدأ الذي أخبر عنه بجملة، يعني أقرِّب لكم أكثر، إذا أردت أن تعرف الجملة الصغرى تنظر للخبر أو المبتدأ؟ الخبر، وإذا أردت أن تنظر للجملة للكبرى انظر إلى المبتدأ، طيب، الجملة الصغرى هي المبتدأ الذي أخبر عنه بجملة، والجملة الكبرى هي الجملة التي أخبر بها الصغرى، هي الجملة التي أخبر بها عن مبتدأ.
الجملة الصغرى قد تكون اسمية، مثل ما مثلت لكم: الإسلام رايته عالية، وقد تكون جملة فعلية، مثل لو قلت: الإسلام سمت تعاليمه، مثلا أو علت أحكامه أو استقامت تشريعاته، جملة فعلية، طيب إذا كان المبتدأ خبره جملة اسمية فخذ قاعدة: أنه لا بد أن يكون في الجملة أكثر من مبتدأ، هذه قاعدة، إذا كان المبتدأ خبره جملة اسمية لا بد يكون بالجملة كلها أكثر من مبتدأ، قد يكون فيها مبتدأين وقد يكون فيها أكثر من مبتدأين.
مثاله أكثر من مبتدأين: قول الله -تعالى- في سورة الكهف: • ( ) هذه الجملة ذكر أهل العلم أن أصل الجملة: لكن أنا هو الله ربي، هذا أصلها، ذكر ذلك مكي في "الكشف عن القراءات السبعة" غيره: لكن أنا هو الله ربي، لكن حصل حذف للهمزة -همزة أنا- ثم أدغمت النون في نون لكن، فصارت (لكنّا)، طيب لو قيل لك أعرب (لكن أنا هو الله ربي ) (أنا) مبتدأ أول، (هو) مبتدأ ثانٍ، (الله ) مبتدأ ثالث، (ربي ) خبر المبتدأ الثالث، (الله ربي) جملة مستقلة، هذه الجملة من المبتدأ الثالث وخبره خبر المبتدأ الثاني (هو الله ربي ) كلام تام، كدا ولّا لا؟ المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول اللي هو (أنا )، هذا هو إعراب الآية، إذا مرت عليك في القرآن قف عندها وأعربها، ستستفيد إن شاء الله من الإعراب إذا أنك مشيت على الطريقة هذه.
طيب انتهينا الآن من تقسيم الجملة إلى جملة صغرى، قال: وصغرى إن بنيت على غيرها عطيتكم تعريفا آخر، قلنا الصغرى هي المخبر بها عن المبتدأ كـ(قام أبوه) من قولك: (زيد قام أبوه) زيد مبتدأ وجملة قام أبوه خبر، وكبرى إن كان في ضمنها جملة يعني الجملة الكبرى هي التي خبرها جملة، أو قل هو المبتدأ الذي خبره جملة، هذه تصير جملة كبرى، كمجموع زيد قام أبوه.